فصل: وبعد

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: رسالة في زكاة الحلي **


 وبعد

فإن علي العبد أن يتقي الله ما استطاع ويعمل جهده في تحري معرفة الحق من الكتاب والسنة فإذا ظهر له الحق منهما وجب عليه العمل به، وان لا يقدم عليهما قول احد من الناس كائنا من كان ولا قياسا من الاقيسة أي قياس كان وعند التنازع يجب الرجوع إلي الكتاب والسنة فانهن الصراط المستقيم والميزان العدل القويم، قال تعالى‏:‏ ‏{‏فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً‏}‏ ‏[‏النساء- 59‏]‏ والرد إلي الله هو الرد إلى كتابه والرد إلى الرسول هو الرد إلى سنته وهديه حيًا وميتا‏.‏

وقال تعالى‏:‏ ‏{‏فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏ 65‏]‏ ‏.‏

فاقسم الله تعالى وربوبيته لرسوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ التي هي اخص ربوبية قسما مؤكدا على أن لا إيمان الا بان نحكم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في كل نزاع بيننا و الا يكون في نفوسنا حرج وضيق مما يقضي به رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ وأن نسلم لذلك تسليما تاما بالانقياد الكامل والتنفيذ‏.‏ وتأمل كيف أكد التسليم بالمصدر فانه يدل على انه لا بد من تسليم تام لا انحراف فيه ولا توان‏.‏ وتأمل أيضا المناسبة بين المقسم به والمقسم عليه فالمقسم به ربوبية الله لنبيه ـ صلى الله عليه وسلم ـ والمقسم عليه هو عدم الإيمان الا بتحكيم النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ تحكيما تاما يستلزم الانشراح والانقياد والقبول، فان ربوبية الله لرسوله تقتضي أن يكون ما حكم به مطابقا لما إذن به ربه ورضيه فان مقتضي الربوبية أن لا يقره على خطأ لا يرضاه له وإذا لم يظهر له الحق من الكتاب و السنة وجب عليه أن يأخذ بقول من يغلب على ظنه انه اقرب إلي الحق بما معه من العلم والدين فان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يقول‏:‏ ‏(‏عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ‏)‏ (1) وأحق الناس بهذا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضوان الله عليهم أجمعين فإنهم خلفوا النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ في أمته في العلم والعمل والسياسة والمنهج جزاهم الله عن الإسلام والمسلمين أفضل الجزاء‏.‏

ونسال الله تعالى أن يهدينا صراطه المستقيم وأن يجعلنا ممن رأى الحق حقا فاتبعه ورأى الباطل باطلا فاجتنبه، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد واله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا‏.‏

حرره كاتبه الفقير إلي الله محمد الصالح العثيمين وذلك في 12 من صفر سنة 1382 والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات‏.‏